محاضرات منتدى تراث الرمضاني
التحديات القيمية التي تواجه الأمة
د. سالم يوسف الحسينان
لا يخفى عليكم أن التحديات التي تواجه الأمة تحديات كبيرة وعظيمة وسنتحدث تحديدًا عن التحديات القيمية، لأنها من أهم التحديات والصعوبات والمشكلات التي تواجه الأمة وتعوقها عن القيام بدورها الدعوي والأخلاقي والتربوي بين أفرادها وبين الدول بشكل عام في هذا العصر الحديث، وأبرز تلك التحديات القيمية: ضعف الوازع الديني، والانفتاح التقني، والتقليد الأعمى، والجهل بالقيم، وغياب القدوات.
أولا: ضعف الوازع الديني
يعد ضعف الوازع الديني من أهم التحديات القيمية التي تعاني منها مجتمعاتنا الإسلامية والعربية ومن أسباب ذلك ما يلي:
- الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة، فمثلا بعض الطلبة يريد أن يفطر في رمضان بسبب الدراسة والتعب ولا يدري أن الصوم فرض عليه، والبعض يتساهل بالصلاة، وأيضا البعض لا يعرف أحكام العقيدة المعلومة من الدين بالضرورة عند كثير من الناس.
- كثرة الطعن في ثوابت الدين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مما يقلل من هيبة الدين ومكانته في قلوب الشباب والناشئة.
- كثرة الاستماع للشبهات والشهوات التي تبث عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل.
- التَّساهل بالمعاصي الصَّغيرة واستمرائها، يضعف الإيمان في قلب العبد، وكما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (وإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور).
كيفية معالجة هذا الضعف
- تأصيل العلم الشرعي داخل الأسر: فأول لبنة للإنسان هي الأسرة، وإذا وإذا اهتم الوالدين بتعليم الأبناء العقيدة الصحيحة، وتعليمهم المعلوم من الدين بالضرورة، وما يجب على المسلم معرفته لكان ذلك حصنًا للأبناء من أي انحراف قد يتعرضون له.
- الاهتمام بتزكية النفوس، للأسف الآن قل الاهتمام بهذا الجانب سواء داخل الأسرة، أو بين الأفراد، ولا يتم ذلك إلا من خلال الموعظة الحسنة التي تزيد من الوازع الديني، فالموعظة بذل الترغيب مع الترهيب، فيكون هناك توازن بين الابن ويصير عنده وازع ديني قوي أن يعمل الصالحات ويبتعد عن المنكرات.
- الابتعاد عن أهل الشبهات والشهوات: فكما وصى علماء السلف ألا نسمع لأهل الشبهات ولا ننظر لهم ولا نجالسهم وكذلك أهل الشهوات نبتعد عنهم فكل هذه الأمور تحافظ على الأمة.
ثانيا: الانفتاح التقني
مع التقدم التكنولوجي الهائل والانفتاح التقني، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت العديد من الأضرار النفسية والانحرافات الأخلاقية والقيمية في المجتمع، وقد أثر استخدام تلك المواقع على القيم الأخلاقية والاجتماعية وأضاف تغييرا كبيرا عليها.
ومن الآثار السلبية لهذا الانفتاح التقني الهائل ما يلي:
- المقارنات: كثير من الأسر تهدمت بسبب المقارنات فالمرأة تقارن نفسها بصديقتها فترى أن كل الناس سعداء إلا هي، وكذلك الأبناء يقارنون حياتهم بحياة أصدقائهم فالابن يتمرد على أبيه وهذا من أخطر الأمور السلبية لهذه المواقع.
- الصراع القيمي: هناك قيم عند الآباء يحافظون عليها، وقيم عند الأبناء جديدة يثبتوها في المجتمع، فدائما هناك صراع بين قيم جيل الآباء وبين قيم جيل الأبناء، فيكون صراع قيمي يحدث المشاكل والخلافات وكثير من العقوق، ودائما المشاكل بين الآباء والأبناء يكون بسبب هذا الصراع القيمي.
- عدم الرضا والقناعة: فيجب على الإنسان أن ينظر إلى ما هو دونه حتى يرضى فلا ينظر لأعلى حتى لا يسخط بما أنعم الله عليه.
“كيفية علاج الانفتاح التقني”
أولا: تحديد ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي سواء للأبناء والزوجة والزوج وللأسرة بأكملها، ليس كل شيء ينشر خوفا من الحسد ومن تخبيب الناس.
ثانيا: ليس كل ما عند الآباء صحيح، وليس كل ما عند الأبناء سيء، فهذه قاعدة عامة عندنا كمسؤولين ودعويين أنه قد يكون عند الأبناء قيم إيجابية، وكذلك قد يكون عند الآباء قيم قديمة لا تصح الآن، فبهذه الأمور تستقيم الأسرة ويستقيم المجتمع ككل.
ثالثا: غرس القيم التي تتناسب مع العصر الحالي، مثلا الأمانة العلمية، والقيم البيئية، فالنبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن القيم البيئية منذ 1400 عام مثل غرس النخل، وإعطاء الطريق حقه، وكثير من القيم التي تناسب مع العصر الحالي، ويجب أن نتثبت من مصادر الأخبار قبل نشرها، فهذه الأمور يجب أن نغرسها في الأسرة ككل حتى لا يصير عندنا تحدي.
ثالثا: التقليد الأعمى
إن منهج التربية الإسلامية يحذِّر الإنسان من التقليد الأعمى الذي يزج به في ظلمات الجهل والضلال، ويربي في المسلمين الوعي في سلوكهم، وأقوالهم، وأفعالهم، وتفكيرهم، وعباداتهم، وفي كل شؤونهم، ولذلك فإنَّ مما ابتليت به الأمة في الجانب القيمي هو التقليد الأعمى، فبعض الشباب يقلد تقليدا أعمى بدون تفكير، أو بمجرد سؤال هل هذا التقليد يتناسب مع ديننا الحنيف أم لا؟ وهذا التقليد يرجع إلى أسباب كثيرة من أهمها:
1- التربية غير السليمة بحيث ينشأ الطفل ويكبر بدون رقابة وتوجيه الأهل مما قد يؤدي بهم إلى التشبه بالغير وهنا أعني تقليد الأمور السلبية.
2- الانفتاح غير المقيد على ثقافات ومجتمعات أخرى في كافة أرجاء المعمورة وخاصة بعد التطور الهائل الذي أنشأ العديد من وسائل التواصل الاجتماعي بين مختلف الناس في شتى بقاع الأرض.
3- البعد عن الدين وأصوله. فديننا الحنيف واضح وصريح، يدعو إلى التحلي بالأخلاق الطيبة ويدعو إلى التفكر في كل عمل وقول قبل الاقدام عليه، بعيداً عن التقليد الأعمى الذي لا يعود على الإنسانية إلا بالدمار المهدد لمستقبل الشباب الذين هم ثروة المجتمعات.
4- عدم وجود القدوة الحسنة في حياة الشباب أحياناً، وهذه الظاهرة خطيرة للغاية فما فائدة الأب إذا لم يكن قدوة يحتذى به من قبل أبنائه؟ وما أهمية كون الأم أماً إن لم تعرف أن تغرس بذرة الخير في نفوس أبنائها وبناتها وتكون لهم خير قدوة.
5- حب الظهور ولفت انتباه أكبر عدد ممكن من الناس وهي من أخطر الأسباب التي قد تؤدي إلى تقليد أعمى دون التفكير بأي نتيجة قد تنطوي عليه.
كيف نعالج هذه الظاهرة؟
1- تقوية الوازع الديني عند أبنائنا وتربيتهم التربية السليمة بحيث ينشأوا على طاعة الرحمن واتباع قدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة. قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21]
2- فتح باب الحوار بين الأهل والأبناء ومراقبة سلوك الأبناء ومعرفة أصدقائهم وتأثيرهم وتنبيههم لخطر التقليد الأعمى.
3- نشر الوعي والثقافة الرشيدة بين الناس وخاصة فئة الشباب منهم وذلك عن طريق الإعلام الهادف.
عناوين:
- يعد ضعف الوازع الديني من أهم التحديات القيمية التي تعاني منها مجتمعاتنا الإسلامية والعربية
- منهج التربية الإسلامية يحذِّر الإنسان من التقليد الأعمى الذي يزج به في ظلمات الجهل والضلال
رابعا: الجهل بالقيم
إن مما أوقع كثير من الناس فيما وقعوا فيه من معاص وفتن وانحرافات أخلاقية وقيمية، وضعف في الدين إنما هو الجهل الذي هو أكبر عدو للإنسان، وصدق من قال: “يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه”، فالإنسان عندما يكون جاهلا بما يجب عليه من أمور دينه ودنياه لا يمكن أن يتصرف تصرفا صحيحا، ولا يمكن كذلك أن يعرف مواطن الخلل والزلل، فهو في هذه الحالة يتصرف حسبما يملي عليه هواه ونفسه الأمارة بالسوء.
تعريف القيم وأهميتها
تعتبر كلمة “القيم” من المصطلحات الشائعة في الاستخدام، كما أنها كثيرة الجريان على ألسنة التربويين والمصلحين، وهذا يوحي لأهمية ما ينطوي تحت لواء هذه الكلمة من معان سامية ومضامين راقية، ومعنى “القيم” في اللغة القيمة: والقيمة جمع قِيم بكسر القاف، وهي الاستقامة والاعتدال.
أمّا اصطلاحًا، فتعرف القيم بأنها مجموعة من الأخلاق التي تصنع نسيج الشخصية الإسلامية، وتجعلها متكاملة وقادرة على التفاعل الحي مع المجتمع وعلى التوافق مع أعضائه، والعمل من أجل النفس والأسرة والعقيدة”.
وبتعريف أيسر فإنَّ القيم هي مجموعة من الأخلاق الفاضلة التي اعتمدت على التربية الإسلامية في توجيه السلوك البشري، للقيام بكل عمل أو قول يدلّ على الخير. بحيث تتضمن هذه القيم أهمية كبرى في حياة الفرد والمجتمع.
أهمية القيم في حياة الفرد والمجتمع
القيم تسهم في بناء أفراد يتسمون بالسلوكيات والصفات الجيّدة مثل المثابرة على العمل والتميز، والنجاح بعيدًا عن الصفات السلبية وغير الجيدة، وبالتالي تلعب القيم دورًا هامًا في تكوين الشخصية الإنسانية ورسم أهم معالمها وفق معيار صحيح، والقيم تعطي للفرد إمكانية أداء ما هو مطلوب منه، وتمنحه القدرة على التكيف والتوافق الإيجابيين، وتحقق الرضا عن النفس للتجاوب مع الجماعة في مبادئها وعقائدها.
وكما أن للقيم دورًا هامًّا في حياة الأفراد، فلها أيضًا دور أهم في حياة الأمم والشعوب. ولا ريب أن المجتمع الإنساني، مجتمع تحكمه معايير في تعاملـــــه وعلاقاته مع الآخرين، بحيث تشكل هذه المعايير مجموعة من القيم الناظمة للأقوال والأفعال والمواقف والقرارات، والتي تظهر أهميتها من خلال:
• القيم تساعد المجتمع على مواجهة التغيرات التي تحدث فيه.
• القيم تحفظ للمجتمع بقاءه واستمراريته وتماسكه فتحدد له الأهداف ومثله الأعلى ومبادئه الثابتة والمستمرة.
• القيم تحفظ للمجتمع هويته وتميزه.
• القيم تسهم في بناء مجتمع متماسك وقوي يستطيع مواجهة التهديدات الخارجية.
• القيم تعمل على إعطاء النظم الاجتماعية أساسًا إيمانيًّا وعقليًّا يصعب زعزعته أو اقتلاعه.
• القيم تقي المجتمع من الأنانيات المفرطة والنزاعات والأهواء والشهوات الطائشة التي تضرب في عمق وحدته.
ضوابط غرس القيم
إن عملية غرس القيم تحتاج إلى تربة خصبة تنمو بها بذرة القيم الصالحة التي يتعهدها المربي لمتابعة نمو وبناء القيمة بوسائل شتى وعناية فائقة، ولكي ننجح في غرس القيم، لابد أن نضع أمام أعيننا أولويات وضوابط يجب استحضارها وتمثلها ونحن نغرس القيم في النفوس:
1- وعي المربي
وهنا لابد من توافر أمرين، أولهما امتثال المربي للقيمة المراد غرسها حتى يكون قدوة حسنة للمُرَبَّى، لأن القدوة توفر الكثير من الوقت على المربين أثناء غرس القيم، وخصوصًا لدى الآباء في تربية الأبناء ومحاولة غرس السلوكيات الجيدة فيهم، فعندما يختار الطفل القدوة الجيدة فإنه يقلدها في كل شيء.
والأمر الثاني هو أن يعي جوانب القيمة، ويمتلك المهارة الكافية لغرس القيم بالوسائل المبتكرة، وهذا لا يتأتى إلا بالعلم والتعلم والقراءة بالتحديد؛ فهي تزيد من وعي المربي، وتكسبه خبرات الآخرين وتجاربهم. وبما أننا مسؤولون عمن ولينا أمرهم من أبنائنا أو تلامذتنا وجميع فلذات أكبادنا، كان لزامًا علينا أن نعي ونمتلك مهارة غرس القيم فيهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وتحضيرهم للحياة.. لذلك يجب علينا أن نزيد من وعينا القيمي والتربوي كدعاة ومربين وأساتذة وآباء وأمهات.. فالشأن التربوي والقيمي علم يتعلم ومهارة تكتسب بطرق شتى، فليس هناك غرس قيم بالفطرة في خضم هذه التحولات والمستجدات والتهديدات التي ترغب زعزعت ثوابتنا.
2- مناسبة القيمة للمرحلة العمرية
فالإنسان بتطوره ونموه تختلف أولوياته كما يختلف البناء الجسماني له، وكلما كانت القيم المستهدف غرسها مناسبة لعمره وأولوياته كان ذلك أنجح في البناء وأيسر في الغرس، وبالتالي يجب على المربي أن يميز بين كل مرحلة عمرية وأخرى من حيث أولوية غرس القيم؛ حيث كل مرحلة عمرية لها منظومة قيم تتناسب معها.
3- تعدد الوسائل
كما ذكرنا أن عملية غرس القيم تحتاج إلى وعي المربي بالدرجة الأولى ثم مناسبة القيمة للمرحلة العمرية، كذلك يحتاج غرس القيم إلى تعدد الوسائل أثناء التربية والغرس، فيحتاج المربي أيضًا إلى وسائل متنوعة ليخاطب ثلاثية الوعي البشري من المعارف والوجدان والسلوك، لا أن يخاطب المُرَبَّى بوسائل تنمي لديه الجانب المعرفي -مثلاً- فيتضخم ذلك الجانب عن أخويه، وبالتالي لا ينتج قناعة وجدانية أو سلوكًا عمليًّا للقيمة فتشوه أبعادها، ونجد أن الله تعالى قد ربط بين القيم والعبادات، ونوّع في العبادات لتتنوع وسائل تلقي القيم وغرسها.
فمثلاً، الصلاة تنهي عن الفحشاء، فإذا نجح المربي في غرس المعرفة العقلية وهذا الربط التعبدي القيمي، ثم تولد لدى المُرَبَّى الاستشعار بالصلة بين العبد وربه، وأن اللسان الذي يخاطب رب العزة في الصلاة، لا بد وأن يتنزه عن الفحش في القول والسلوك، فينتج عن ذلك دافعًا قويًّا للتمسك بالقيمة، وكذلك الحال في التقوى في الصوم، والتكافل في الزكاة، وغيرها من العبادات التي راع فيها الشارع الحكيم، الأبعاد الثلاثة للجنس البشري.
4- البيئة
إن الوسط الذي يعيش فيه المُرَبَّى، هو الأهم في هذه العملية، إذ البيئة هي بمثابة التربة التي تغرس فيها بذرة القيم، بحيث نرى -والواقع أعظم الشهود- أن للبيئة تأثيرًا كبيرًا في بلورة سلوكه وبناء الشخصية، لأن المُرَبَّى سرعان ما يتطبّع بطابع تلك الأوساط التي يتردد إليها بين الفينة والأخرى، ويكتسب صفاته ومقوّماته من عقائد وسلوكيات وأعراف وثقافات وما إلى ذلك. فكلما كانت البيئة صالحة كان ذلك أفضل للنمو السليم وبناء القيمة بشكل أيسر. ويمكن حصر أهم البيئات التي تسهم في غرس القيم بشكل فعّال فيما يلي:
أ- الأسرة: حيث إن الأسرة، هي المحضن الأساسي الذي يتلقى فيها المُرَبَّى أهم الفضائل والقيم والآداب في جو من التربية الإسلامية من الأب والأم والإخوة.
بـ- المسجد: إن مكانة المسجد في المجتمع الإسلامي أوضح بكثير من أن يشار إليها بحديث مثل ما نعرض له، وما سأتطرق له هو من باب معرفة ولو جزء بسيط جدًّا من أثره في غرس القيم الفاضلة، والحماية من الشهوات والإغراءات الزائفة.
وما أقصد بالمسجد هنا، هو المكان المخصص للأذان وإقامة الصلوات الخمس، وإلقاء الدروس والمحاضرات والندوات والحلقات العلمية والمعرفة، وما جرى مجراها ودار في فلكها، وقد وضع المسجد باعتباره اللبنة الأولى، ونواة المجتمع الإسلامي وأهم ركائزه الثابتة على مر العصور، بحث لا يقتصر دوره على أداء الشعائر التعبدية المحضة فقط، كالصلاة والذكر والدعاء، بل يمكنه أيضًا غرس القيم في نفوس الناشئة.
جـ- المدرسة: تعتبر المدرسة مؤسسة اجتماعية أنشأها المجتمع قصد تعليم أبنائه وتربيتهم، وتزويدهم بالثقافات والتراث العلمي المعرفي، والتربية في المدرسة ليست من أجل منطلق ومنطق حر لا ضابط له، ولكن من أجل دعم نظرية الحياة للأمة، ذلك أن الأمة صاحبة الرسالة الإسلامية التي يجب أن تقوم على الصغار بالتربية والتعليم، ليكونوا ورثة صالحين ومصلحين، لهدف حياتها ولنظام مجتمعها.
ويمكن للمدرسة أن تؤدي دورها التربوي التعليمي في غرس القيم، من خلال الوظائف التي تقوم بها الجهات المسؤولة وذات الصلة المباشرة بالمتعلم (المُرَبَّى)، وهي مديرية المناهج، والإدارة التربوية، والعنصر الفعال والقلب النابض للعملية التعليمية التعلمية، ألا وهو الأستاذ.
معرفة أهمية القيم
إن معرفة أهمية القيم، ومراعاة ضوابط غرسها والتي تتمثل في وعي المربي، ومراعاة المرحلة العمرية، وتنويع الوسائل والطرق، ومراعاة البيئة، مع إعطاء كل ضابط حقه ومستحقه، سيجعلنا أمام نظام تربوي قيمي متكامل المبنى، كفيل بضمان الطريق السليم إلى مستقبل زاهر وزاخر يحفظ عقول الناشئة وقيمهم ودينهم، فتهذب الأفراد وترقى بهم، كما تجعل المجتمع وحدة مترابطة عقائديًّا ووجدانيًّا واجتماعيًّا.